د. محمد سليم سالمان يكتب تحليل أسعار الكهرباء في مصر (2010-2024)
الأحد 23-06-2024 10:58
شهدت تعرفة الكهرباء في مصر تغييرات كبيرة على مدار الـ 15 عامًا الماضية. خلال هذه الفترة، ارتفعت التعريفة الكهربائية بشكل تدريجي مع توجه الحكومة نحو تقليل الدعم والانتقال إلى نموذج تسعير يعكس التكلفة بشكل أكبر. ويقدم هذا المقال نظرة شاملة على أعلى شريحة لتعرفة الكهرباء للاستهلاك المنزلى، بالجنيه المصرى والمقابل بالدولار لوحدة بيع الطاقة الكهربائية الكيلو وات ساعة من عام 2010 إلى عام 2024.
أعلى شريحة لتعرفة الكهرباء للاستهلاك المنزلى (2010-2024)
يوضح الجدول أدناه أعلى شريحة تعرفة الكهرباء بالجنيه المصري (EGP) والدولار الأمريكي (USD) لكل كيلوواط ساعة (kWh). وتم استخدام متوسط أسعار الصرف السنوية لكل عام.
التحليل
تُظهر البيانات اتجاهًا تصاعديًا واضحًا في تعرفة الكهرباء على مدى السنوات الماضية، مدفوعًا بسياسة الحكومة لخفض الدعم والتشجيع لاستخدام الطاقة الشمسية وترشيد الاستهلاك بشكل مستدام . وفد اثرت الحكومة عدم زيادة التعريفة السنوات الاخيرة وتحملت فرق التكلفة وزيادة الدعم حفاظا على المستهلك نظرا للظروف الاقتصادية العالمية وتقلب سعر الصرف. وكما نلاحظ انهعلى الرغم من زيادة التعريفة بالجنيه المصرى الا انه انخفضت قيمة التعريفة ممثلة بالدولار مما اثر مباشرة على الجدوى الاقتصادية لاستخدامات الطاقة الشمسية .
في عام 2010، كانت أعلى شريحة كهرباء للاستخدام المنزلى تبلغ 0.45 جنيهًا مصريًا لكل كيلووات ساعة، وهو ما يعادل حوالي 8.2 سنت أمريكي بينما اصبحت في عام 2024 بلغت 1.45 جنيهًا مصريًا لكل كيلووات ساعة بزيادة بنسبة 322% ، وهو ما يعادل حوالي 3 سنتات أمريكية بنسبة انخفاض 63%.
ويشكل هذا الوضع عبئًا متزايدًا على الحكومة والشركة القابضة لكهرباء مصروشركاتها التابعة وضرورة اتخاذ اجراءات وافكار جديدة لمجابهة الوضع الراهن.
الحلول المقترحة لتخفيف العبء على الحكومة وتحقيق التوازن في تعرفة الكهرباء وتنقسم الى حلول فورية وحلول استراتيجية:
اولا حلول فورية وبالامكانيات المتاحة
تحسين كفاءة استخدام الطاقة
التوعية والتثقيف: اطلاق حملات توعية للمواطنين حول أهمية دور ترشيد استهلاك الكهرباء .
التكنولوجيا الموفرة للطاقة: تشجيع استخدام الأجهزة والمعدات الموفرة للطاقة من خلال الحوافز الضريبية .
تنويع مصادر الطاقة
الطاقة المتجددة: الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتكاليف الإنتاج.
الطاقة النووية: النظر في بناء محطات طاقة نووية كمصدر مستدام وفعال من حيث التكلفة للطاقة.
إصلاح هيكل التسعير
التعرفة التصاعدية: تغيير نظام الشرائح المتعددة والاكتفاء بشريحتين او ثلاث على الاكثر .
تطوير البنية التحتية
تحديث الشبكة: الاستثمار في تحديث شبكات توزيع الكهرباء للحد من الفاقد وزيادة الكفاءة.
البنية التحتية الذكية: استخدام التكنولوجيا الذكية مثل العدادات الذكية ونظم إدارة الشبكات لتحسين كفاءة الشبكة وإدارة الطلب.
إصلاحات مالية
تحسين جمع الفواتير: تحسين نظم جمع الفواتير للحد من الفاقد المالي وضمان تحقيق إيرادات مستدامة من خلال شبكات مالية مع البنوك للشركات والافراد اصحاب الحسابات البنكية .
مراجعة الدعم: إعادة تقييم نظام الدعم لضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجًا وتقليل الهدر المالي.
ثانيا حلول استراتيجية فى اقل من ثلاث سنوات
تحرير سوق الكهرباء
تحرير سوق الكهرباء طبقا للقانون رقم 87 لعام 2015 وسوق الغاز طبقا للقانون رقم 196 لعام 2017 واعادة هيكلة الشركات تبعا لذلك مما يزيد من الكفاءة التشغيلية ويقلل من الأعباء المالية على الحكومة، ويتضمن ذلك السماح بمزيد من التنافسية في السوق وتشجيع الاستثمارات من القطاع الخاص.
تقييم شركات انتاج الكهرباء وشركات التوزيع
تقييم أداء شركات انتاج الكهرباء وشركات التوزيع بشكل دوري يساهم في تحسين الكفاءة التشغيلية وتقليل الفاقد في الشبكة ويمكن استخدام نتائج التقييم لتحسين الأداء وتوجيه الاستثمارات إلى المناطق التي تحتاج إلى تطوير والاستعداد الى دخول اسواق المال .
إدخال الشركات إلى سوق الأوراق المالية
إدخال شركات الكهرباء الانتاج والتوزيع على حد سواء تدريجيا إلى سوق الأوراق المالية وذلك يمكن أن يوفر مصادر تمويل جديدة ويزيد من الشفافية والكفاءة، وأن يكون هذا الإجراء جزءًا من استراتيجية أوسع لتحرير القطاع وتشجيع الاستثمارات الخاصة.
تخفيض الدعم تدريجيًا
تخفيض الدعم تدريجيًا مع تقديم دعم مباشر للفئات الأكثر احتياجًا الذى من شأنه أن يقلل من الأعباء المالية على الحكومة ويساعد في توجيه الموارد بشكل أكثر فعالية وتحسين استهداف الدعم.
الخلاصة
بتنفيذ هذه الحلول الفورية والاستراتيجية خلال ثلاث سنوات على الاكثر، يمكن للحكومة تحسين كفاءة قطاع الكهرباء وتقليل الأعباء المالية، مع ضمان توفير الكهرباء بأسعار معقولة للمستهلكين.
تتطلب مواجهة التحديات لقطاع الطاقة في مصر وتخفيف العبء المالي عن الحكومة مقاربة شاملة تشمل تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتنويع مصادر الطاقة، وإصلاح هيكل التسعير، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وإجراء إصلاحات مالية مما يسهم في استدامة القطاع وتحقيق توازن مالي أفضل.
د. م. محمد سليم سالمان
استشارى الطاقة
عضو مجلس ادارة المجلس العربى للطاقة المستدامة
Performance212@gmail.com