د. محمد سليم يكتب ..حديث منظومة الشفافية والحوكمة في الشركات : خطوة اساسية نحو تحرير سوق الطاقة
الثلاثاء 08-04-2025 12:16

مع تزايد الاهتمام بتطوير قطاع الكهرباء في مصر وتحقيق الاستدامة المالية والتشغيلية، برز الحديث عن تحرير سوق الطاقة كأحد المحاور الاستراتيجية لتحقيق كفاءة أكبر في الإدارة وتوسيع قاعدة المشاركة مع القطاع الخاص ومع تصاعد الحديث عن ضرورة تحرير سوق الطاقة في مصر كخطوة أساسية وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، يبرز سؤال جوهري نضعه امام متخذ القرار:
هل الشركات العاملة تحت مظلة وزارة الكهرباء مهيأة فعليًا لهذه النقلة النوعية الهامة؟
وهل تتوافق نظمها المؤسسية مع معايير الحوكمة، الشفافية، والنزاهة المطلوبة في أسواق الطاقة المفتوحة؟
ولكن قبل الشروع في هذه الخطوة المهمة، من الضروري الوقوف على مدى جاهزية البنية المؤسسية للشركات التابعة لوزارة الكهرباء لتواكب متطلبات المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالحوكمة والشفافية والإدارة الرشيدة.
أهمية التقييم المؤسسي في دعم الإصلاح
تحرير السوق لا يقتصر فقط على فتح المجال للمنافسة، بل يتطلب وجود منظومة مؤسسية قوية تُعزز من الثقة والموثوقية لدى الشركاء والمستثمرين والمواطنين على حد سواء.
لذا فإن إجراء تقييم شامل للشركات العاملة في مجالات الإنتاج والتوزيع وشئون الخدمات لم يعد ترفًا إداريًا بل أصبح شرطًا أساسيًا يسبق أي خطوات نحو الإصلاح أو الانفتاح ويعتبر من الخطوات التمهيدية الأساسية لضمان النجاح .
محاور التقييم المطلوبة
الحوكمة المؤسسية:
تشكيل مجلس الإدارة واستقلاليته ووضوح اختصاصاته وصلاحياته.
مراجعة الجمع بين منصب رئيس مجلس الإدارة والمنصب التنفيذي كعضو منتدب أو مدير تنفيذي وفصل مهام رئاسة مجلس الإدارة عن المهام التنفيذية، لضمان تعزيز مبادئ الحوكمة واستقلالية الرقابة.
استقلالية اللجان الداخلية مثل التدقيق والمخاطر.
الشفافية والإفصاح:
نشر تقارير مالية دورية ومدققة.
الافصاح عن الأهداف والمؤشرات السنوية.
توفّر معلومات عن الأداء على المواقع الإلكترونية.
التقارير غير المالية (الاستدامة):
هل تصدر الشركات تقارير تتناول الأداء البيئي والاجتماعي والحوكمي (ESG)؟
إدماج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في التقارير السنوية.
تتبع مؤشرات الانبعاثات وكفاءة الطاقة والتأثيرات المجتمعية.
الالتزام بالعدالة وتكافؤ الفرص:
سياسات واضحة للتوظيف والتطور الوظيفي.
التوازن بين الجنسين وخلق بيئة عمل داعمة وعدم التمييز.
التواصل والمساءلة المجتمعية:
آليات فعالة لتلقي الشكاوى والمقترحات من المواطنين.
حماية المبلغين عن المخالفات وضمان النزاهة الداخلية.
واقع المواقع الإلكترونية: تقدم جزئي وفرص كبيرة للتطوير حيث الفجوة ما زالت كبيرة
وفي مراجعة أولية للمواقع الإلكترونية لشركات الكهرباء العاملة في مجالات الإنتاج والتوزيع وشئون الخدمات، يظهر أن هناك جهودًا قائمة في مجالات النشر والإفصاح، إلا أن المساحة لا تزال واسعة لتعزيز هذا التوجه.
فهناك فرص حقيقية لتطوير مستوى الشفافية والإفصاح المؤسسي وتقارير الحوكمة البيئية والمسئولية المجتمعية بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، وهو ما يُعد ركيزة أساسية لجذب رؤوس الأموال والشراكات الاستراتيجية المطلوبة في المرحلة المقبلة.
ما يجب أن يُدرج ضمن أدوات الإفصاح العام؟
من أجل بناء ثقة الجمهور والمستثمرين، من الضروري أن تقوم الشركات بنشر المعلومات التالية عبر مواقعها الرسمية وأن تتبنى الشركات نهجًا تواصليًا شفافًا يشمل على سبيل المثال لا الحصر:
السادة اعضاء مجلس الادارة والمديرين التنفيذيين والسير الذاتية.
الهيكل التنظيمي
التقارير المالية والموازنات السنوية.
تقارير الاستدامة والحوكمة البيئية والمسئولية المجتمعية.
الخطط الاستراتيجية والمشروعات المستقبلية.
سياسات الامتثال والحماية المؤسسية.
ختامًا: الإصلاح المؤسسي ركيزة للنجاح
قبل التفكير في تحرير سوق الكهرباء والطاقة، لا بد من تهيئة بيئة مؤسسية قائمة على الشفافية والحوكمة الرشيدة، إن تحرير سوق الطاقة خطوة استراتيجية تستحق الدعم، ولكنها تحتاج إلى تمكين مؤسسي متكامل، يعكس الالتزام بمبادئ الشفافية والنزاهة . ومن خلال تطوير نظم الحوكمة والإفصاح في الشركات ، يمكن خلق بيئة جاذبة للاستثمار، قائمة على الثقة، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني على حد سواء.
وسوف يتم تناول هذا الموضوع بشئ من التفصيل مستقبلا ان كان فى العمر بقية ،،،
التحرير بلا حوكمة ليس إصلاحًا… بل يزيد من نسبة المخاطر وتداعياتها.